{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا} عذبوا وأحرقوا {الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} يقال: فتنت الشيء إذا أحرقته، نظيره {يوم هم على النار يفتنون} [الذاريات- 13] {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ} بكفرهم {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} بما أحرقوا المؤمنين. وقيل: ولهم عذاب الحريق في الدنيا، وذلك أن الله أحرقهم بالنار التي أحرقوا بها المؤمنين، ارتفعت إليهم من الأخدود، قاله الربيع بن أنس والكلبي. ثم ذكر ما أعد للمؤمنين فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} واختلفوا في جواب القسم: فقال بعضهم: جوابه: {قتل أصحاب الأخدود} يعني لقد قتل.وقيل: فيه تقديم وتأخير، تقديره: قتل أصحاب الأخدود والسماء ذات البروج. وقال قتادة: جوابه: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} قال ابن عباس: إن أخذه بالعذاب إذا أخَذَ الظلمَة لشديدٌ، كقوله: {إن أخذه أليم شديد} [هود- 102]. {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} أي يخلقهم أولا في الدنيا ثم يعيدهم أحياءً بعد الموت. {وَهُوَ الْغَفُورُ} لذنوب المؤمنين {الْوَدُودُ} المحب لهم، وقيل: معناه المودود، كالحلوب والركوب، بمعنى المحلوب والمركوب. وقيل: يغفر ويود أن يغفر، وقيل: المتودد إلى أوليائه بالمغفرة. {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} قرأ حمزة والكسائي: {المجيد} بالجر، على صفة العرش أي السرير العظيم. وقيل: أراد حسنه فوصفه بالمجد كما وصفه بالكرم، فقال: {رب العرش الكريم} [المؤمنون- 116] ومعناه الكمال، والعرش: أحسن الأشياء وأكملها، وقرأ الآخرون بالرفع على صفة ذو العرش. {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} لا يعجزه شيء يريده ولا يمتنع منه شيء طلبه. قوله عز وجل: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ} قد أتاك خبر الجموع الكافرة الذين تجندوا على الأنبياء.