سورة البروج - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البروج)


        


{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا} عذبوا وأحرقوا {الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} يقال: فتنت الشيء إذا أحرقته، نظيره {يوم هم على النار يفتنون} [الذاريات- 13] {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ} بكفرهم {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} بما أحرقوا المؤمنين. وقيل: ولهم عذاب الحريق في الدنيا، وذلك أن الله أحرقهم بالنار التي أحرقوا بها المؤمنين، ارتفعت إليهم من الأخدود، قاله الربيع بن أنس والكلبي. ثم ذكر ما أعد للمؤمنين فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} واختلفوا في جواب القسم: فقال بعضهم: جوابه: {قتل أصحاب الأخدود} يعني لقد قتل.
وقيل: فيه تقديم وتأخير، تقديره: قتل أصحاب الأخدود والسماء ذات البروج. وقال قتادة: جوابه: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} قال ابن عباس: إن أخذه بالعذاب إذا أخَذَ الظلمَة لشديدٌ، كقوله: {إن أخذه أليم شديد} [هود- 102]. {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} أي يخلقهم أولا في الدنيا ثم يعيدهم أحياءً بعد الموت. {وَهُوَ الْغَفُورُ} لذنوب المؤمنين {الْوَدُودُ} المحب لهم، وقيل: معناه المودود، كالحلوب والركوب، بمعنى المحلوب والمركوب. وقيل: يغفر ويود أن يغفر، وقيل: المتودد إلى أوليائه بالمغفرة. {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} قرأ حمزة والكسائي: {المجيد} بالجر، على صفة العرش أي السرير العظيم. وقيل: أراد حسنه فوصفه بالمجد كما وصفه بالكرم، فقال: {رب العرش الكريم} [المؤمنون- 116] ومعناه الكمال، والعرش: أحسن الأشياء وأكملها، وقرأ الآخرون بالرفع على صفة ذو العرش. {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} لا يعجزه شيء يريده ولا يمتنع منه شيء طلبه. قوله عز وجل: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ} قد أتاك خبر الجموع الكافرة الذين تجندوا على الأنبياء.


ثم بين من هم فقال: {فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا} من قومك يا محمد {فِي تَكْذِيبٍ وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} لك وللقرآن كدأب آل فرعون من قبلهم، ولم يعتبروا بمن كان قبلهم من الكفار. {واللَّهُ مِنَ وَرَائِهِم مُّحِيطٌ}، عالم بهم لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، يقدر أن ينزل بهم ما أنزل بمن كان قبلهم. {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ}، كريم شريف كثير الخير، ليس كما زعم المشركون أنه شعر وكهانة. {فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظِ}، قرأ نافع: {محفوظ} بالرفع على نعت القرآن، فإن القرآن محفوظ من التبديل والتغيير والتحريف، قال الله تعالى: {إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون}، وهو أم الكتاب، ومنه نسخ الكتب، محفوظ من الشياطين، ومن الزيادة فيه والنقصان. أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرنا الحسين ابن محمد بن فنجويه، أخبرنا مخلد بن جعفر، حدثنا الحسن بن علويه، أخبرنا إسماعيل بن عيسى، حدثنا إسحاق بن بشر، أخبرني مقاتل وابن جريج، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: إن في صدر اللوح: لا إله إلا الله وحده، دينه الإسلام، ومحمد عبده ورسوله، فمن آمن بالله عزّ وجلّ وصدق بوعده واتبع رسله أدخله، قال: واللوح لوح من درة بيضاء، طوله ما بين السماء والأرض، وعرضه ما بين المشرق إلى المغرب، وحافتاه الدر والياقوت، ودفتاه ياقوتة حمراء، وقلمه نور، وكلامه معقود بالعرش، وأصله في حجر ملك.
قال مقاتل: اللوح المحفوظ عن يمين العرش.

1 | 2